النفس المطمئنة في التربية الإسلامية
إعداد: عبد الله الكافي بن لطف الرحمن
ملخص
البحث
· عنوان البحث: النفس المطمئنة في التربية
الإسلامية.
أهداف
البحث:
1 - التعرف
على ماهية النفس المطمئنة على ضوء كتب التفاسير.
2-
التعرف
على ماهية النفس المطمئنة على ضوء كتب التربية الإسلامية.
3-
معرفة
أقسام النفس ومفهوم كل قسم منها.
4-
إيضاح
خصائص أصحاب النفوس المطمئنة.
5-
التعرف
على النواحي التي يستمد منها اطمئنان النفس.
· محتوى
البحث:
المقدمة: وفيهاموضوع الدراسة وحدودها وأهميتها وغير ذلك.
المبحث
الأول: وفيه مفهوم النفس المطمئنة على ضوء كتب التفاسير.
المبحث
الثاني: وفيه مفهوم النفس المطمئنة وخصائص أصحابها على ضوء كتب التربية الإسلامية.
الخاتمة:
وفيها النتائج والفهارس.
· النتائج:
1-
اتضحت من
الدراسة: أن النفس الإنسانية في التربية الإسلامية واحدة باعتبار ذاتها وثلاثة
باعتبار أحوالها. وهي: اللوامة والأمارة بالسوء والمطمئنة وأن أعلى درجاتها وأكملها
هي: النفس المطمئنة.
2-
أكدت الدراسة
على عظم الآثار المرتبة على الاطمئنان النفسي والتي تعود على الفرد ذاته وتتعداه
إلى أسرته وأولاده وعمله ومجتمعه وسائر ضروب حياته.
3-
أكدت الدراسة
على أن الاطمئنان النفسي يمثل إحدى أهم حاجات الإنسان الدنيوية والأخروية.
4-
إذا أراد
الإنسان أن يفوز في الآخرة يتحلى بخصائص النفس المطمئنة.
التوصيات
1) ضرورة الاهتمام بالتربية الإسلامية وتعاليمها
واعتمادها كمصدر للاطمئنان النفسي.
2) ضرورة الاهتمام بالجوانب الروحية وتبصير المجتمع
بأهميتها والتحذير من التهاون بها.
3) ضرورة الاهتمام بتدريس المواد النفسية لزوال الأمراض
النفسية.
بسم
الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله،نحمده
ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا
مضل له ومن يضلل فلاهادي له ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن
محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن
الأمن والطمأنينة مطلب ضروري لحياة الإنسان فلا يمكن أن يهنأ بعيش أوأن تطيب له
حياة بدون طمأنينة وراحة بال،وإن اختلال الطمأنينة يعد من أهم المشكلات التي
يواجهها المجتمع البشري اليوم ففي شتىّ جوانب الحياة التي يعيشها الإنسان وفي كافة
المجالات يوجد العديد من نماذج السخط والقلق وغير ذلك من الأمور التي يواجهها
الفرد. وفي هذ البحث حاول الباحث أن يبين ماهيةالنفس المطمئنة وخصائصها وكيف تكون
حالها في الدنيا ويوم القيامة من خلال كتب التفاسير المعتبرة وكتب التربية
الإسلامية وعلم النفس الإسلامي.
أسئلة البحث:
يسعى هذا البحث
بإذن الله تعالى إلى الإجابة على السؤال الرئيس التالي:
ما النفس
المطمئنة في التربية الإسلامية؟
ويتفرع
منه عدد من الأسئلة وهي كالتالي:
1)
ما هي النفس
المطمئنة على ضوء كتب التفاسير؟
2)
ما هي النفس المطمئنة
على ضوء كتب التربية الإسلامية؟
3)
ما أقسام النفس
وما مفهوم كل قسم منها؟
4)
ما هيخصائص
أصحاب النفوس المطمئنة؟
5)
من أين يستمد
اطمئنان النفس؟
أهداف
البحث
1-
التعرف
على ماهية النفس المطمئنة على ضوء كتب التفاسير.
2-
التعرف
على ماهية النفس المطمئنة على ضوء كتب التربية الإسلامية.
3-
معرفة
أقسام النفس ومفهوم كل قسم منها.
4-
إيضاح
خصائص أصحاب النفوس المطمئنة.
5-
التعرف
على نواحي التي يستمد منها اطمئنان النفس.
أهمية البحث
1-
أن
الإنسان معرض في حياته اليومية لكثير من المشكلات التي تؤثر على صحته النفسية.
وهذا يحتم عليه البحث عن حلول مناسبة وكيف يكون حياته سعيدة لكي ينعم بالطمأنينة
والتوافق النفسي حيال هذه العقبات المتكررة.
2-
أن
الإنسان لا بد يعرف السبل والطرق التي توصله إلى أن يُدعى يوم القيامة بالنفس
المطمئنة.
منهج
البحث
سوف
يتبع الباحث –بمشيئة الله تعالى- في بحثه المنهج الوصفي والذي يعتمد على جمع
المعلومات من المصادر والمراجع المرتبطة بموضوع الدارسة ووصفها وتوظيفها بالإضافة
إلىالمنهج الاستنباطي.
حدود
البحث
يقتصر هذا
البحث على بيان مفهوم النفس المطمئنة على ضوء كلام المفسرين وكلام العلماء
المتخصصين في التربية وعلم النفس.
الدراسات
السابقة
لم يجد الباحث –
في حدود – علمه واطلاعه – دراسة علمية تعرضت لموضوع بحثه بشكل مستقل ومباشر لكن
هناك بعض الدراسات التي تعرضت لجوانب أخرى، قد تتصل ببعض جوانب موضوع الدراسة ولكن
بشكل غير مطابق للدراسة الحالية ومن ذلك:
أولا: دراسة بعنوان:
استراتيجيات الأمن النفسي في الأزمات.
قام بها د. صالح
بن إبراهيم الضيع.
تكونت هذه
الدراسة من ( 19 ) ورقة.
ثانيا: أثر سماع
القرآن الكريم على الأمن النفسي.
قام بها كل من:
د. عدنان الشيخ العتوم وأ. عندليب أحمد عبد الله.
وقد تكونت
الدراسة من ( 33 ) ورقة.
ولا ينسى
الباحث أن يقدم الشكر لحكومة هذه البلاد المباركة وعلى رأسها خادم الحرمين
الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود–حفظه الله تعالى ورعاه- على
دعم ورعاية هذا المؤتمر العلمي الرابع لطلاب وطالبات التعليم العالي بالمملكة
العربية السعودية. كما يشكر كل من مد يده بالمساعدة على كتابته لهذا البحث.
وحاول أن يبذل
جهده فما كان من صواب فمن الله وله الفضل والمنة وما كان من خطأ وتقصير فمن الباحث
ومن الشيطان، ويستغفر الله من ذلك. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين.
المبحث الأول: مفهوم النفس المطمئنة على ضوء كتب التفاسير
وهذا المبحث يشمل المطالب الآتية:
المطلب الأول: أقوال المفسرين حول
النفس المطمئنة الواردة في سورة الفجر
"يا
أيتها" بتقدير يقال جملة مستأنفة كأنه في جواب السائل إنما ذكر شأن الكفر فما
شأن المؤمن فقال وتقديره يقال للمؤمنين: ((يا أيتها النفس المطمئنة)) في ذكر الله
تعالى وطاعته كما تطمئن السمكة في الماء وذلك الاطمئنان لا يتصور إلا بعد زوال
صفاتها الرذائل الموجبة لكونه أمارة بالسوء وزوال تلك الصفات لا يمكن إلا بتجليات
صفات الله الحميدة الحسناء وفنائها فيها وبقائها فتصير حينئذ مؤمنة إيماناً حقيقياً
كما أن الكلب لا يمكن طهارته إلا بوقوعه في الملح وفنائه فيها وبقائه بصفات الملح
حتى يصير حلالاً طيباً.([1])
وقوله تعالى: ((يا
أيتها النفس المطمئنة)) حكاية لأحوال من اطمأن بذكر الله تعالى وطاعته إثر حكاية
من اطمأن بالدنيا وسكن إليها وذكر أنه على إرادة القول، أي يقول تعالى: يا أيتها
النفس... إما بالذات كما كلم سبحانه موسى عليه السلام، أوعلى لسان الملك.([2])
ومعنى النفس
المطمئنة: أي: الثابتة على الإيمان،والإيقان، المصدقة بما قال الله تعالى، الموقنة
التي أيقنت بالله،وخضعت لأمره وطاعته، هي الراضية بقضاء الله. وقيل: هي الآمنة من
عذاب الله. وقيل: هي المطمئنة بذكر الله. قال الله تعالى: ((الذين آمنوا وتطمئن
قلوبهم بذكر الله))([3])والراضية
بقضاء الله: هي التي علمت،وأيقنت: أن ما أخطأها لم يكن ليصيبها،وأن ما أصابها لم
يكن ليخطئها. وقيل: هي المخلصة. وقيل: هي العارفة بالله التي لا تصبر عنه طرفة
عين. وقال ابن زيد: المطمئنة لأنها بشرت بالجنة عند الموت وعند البعث والحشر.([4])
وقيل: هي النفس
المؤمنة المطمئنة إلى الحق، الواصلة إلى ثلج اليقين وبرودته بحيث لا يخالطها شك ما،ولا
يمازجها سخونة اضطراب القلب في الحق أصلاً. وهووجه حسن،ولارتباط عليه أن هذه النفس
هي المتعظة الذاكرة على خلاف الإنسان الموصوف فيها قبل، فإن التذكر على قدر قوة
اليقين، ألا ترى إلى قوله تعالى: ((إنما يتذكر أولوا الألباب))([5])
وقيل: هي
الآمنة التي لا يستفزها خوف ولا حزن يوم القيامة، أعني: النفس المؤمنة اليوم،
المتوفاة على الإيمان.([6])
قال عبد الكريم
الخطيب: "والنفس المطمئنة، هي النفس المؤمنة، التي لا يستبد به القلق في أي
حال من أحوالها، في السراء أوالضرار، إنها في حال واحدة أبداً من الرضا بما قسم
الله لها. فهي في السراء شاكرة حامدة، وفي الضراء صابرة راضية فلا الغنى يطغيها ويخرج
بها عن طريق الاستقامة ولا الفقر يسخطها ويعدل بها عن الاطمئنان إلى قضاء الله
فيها وحكمه عليها..... إنها نفس مطمئنة ثابتة، على حال واحدة في إيمانها بالله ورضاهم
بما قسم لها...... وهذا الاطمئنان وذلك الرضا لا يجدها إلا المؤمنون بالله
المتوكلون عليه المفوضون أمورهم إليه."([7])
وقال آخرون: بل
معنى ذلك: الموقنة بأن الله ربها، المسلمة لأمره فيما هوفاعل بها.([8])
المطلب الثاني: بعض المسائل المهمة
حول هذه الآية
المسألة الأولى: الاطمئنان هوالاستقرار
والثبات وفي كيفية هذا الاستقرار وجوه:
أحدها: أن تكون متيقنة
بالحق فلا يخالطها شك، وهوالمراد من قوله: ((ولكن ليطمئن قلبي))([9])
وثانيها: النفس الآمنة
التي لا يستفزها خوف ولا حزن ويشهد لهذا التفسير قراءة أبي بن كعب يا أيتها النفس
الآمنة المطمئنة. وهذه الخاصة قد تحصل عند الموت عند سماع قوله: ((ألا تخافوا ولا
تحزنوا وأبشروا بالجنة))([10])وتحصل
عند البعث،وعند دخول الجنة لا محالة.
وثالثها: هوتأويل
مطابق للحقائق العقلية، فنقول القرآن والبرهان تطابق على أن هذا الاطمئنان لا يحصل
إلا بذكر الله، أما القرآن فقوله: ((ألا بذكر الله تطمئن القلوب))([11])
وأما البرهان فمن وجهين:
الوجه الأول: أن القوة
العاقلة إذا أخذت تترقى في سلسلة الأسباب والمسببات فكلما وصل إلى سبب يكون هوممكنا
لذاته طلب العقل له سببا آخر فلم يقف العقل عنده بل لا يزال ينتقل ممن كل شيء إلى
ما هوأعلى منه حتى ينتهي في ذلك الترقي إلى واجب الوجود لذاته مقطع الحاجات. ومنتهى
الضرورات، فلما وفقت الحاجة دونه وقف العقل عنده واطمأن إليه، ولم ينتقل عنه إلى
غيره، فإذا كلما كانت القوة العاقلة ناظرة إلى شيء من الممكنات ملتفة إليه استحال
أن تستقر عنده وإذا نظرت إلى جلال واجب الوجود وعرفت أن الكل منه استحال أن تنتقل
عنه، فثبت أن الاطمئنان لا يحصل إلا بذكر واجب الوجود.
الوجه الثاني: أن حاجات
العبد غير متناهية وكل ما سوى الله تعالى فهومتناهي البقاء والقوة إلا بإمداد الله
وغير المتناهي لا يصير مجبورا بالمتناهي فلا بد في مقابلة حاجة العبد التي لا
نهاية لها من كمال الله الذي لا نهاية له حتى يحصل الاستقرار فثبت أن كل من آثر
معرفة الله لا لشيء غير الله فهوغير مطمئن وليست نفسه نفسا مطمئنة. أما من آثر
معرفة الله لشيء سواه فنفسه هي النفس المطمئنة وكل من كان كذلك كان أنسه بالله وشوقه
إلى الله وبقاؤه بالله وكلامه مع الله فلا حرم يخاطب عند مفرقته الدنيا بقوله ((ارجعي
إلى ربك راضية مرضية))([12])وهذا
كلام لا ينتفع الانسان به إلا إذا كان كاملاً في القوة الفكرية الإلهية أوفي
التجريد والتفريد.
المسألة الثانية: اعلم أن الله ذكر
مطلق النفس في القرآن فقال: ((ونفس وما سواها))([13])وقال:
((تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك))([14])وقال:
((فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين))([15])وتارة
وصفها بكونها أمارة بالسوء، فقال: ((إن النفس لأمارة بالسوء))([16])وتارة
بكونها لوامة، فقال: ((بالنفس اللوامة))([17])
وتارة بكونها
مطمئنة كما في هذه الآية. واعلم أن نفس ذاتك وحقيقتك هي التي تشير إليها بقولك:
"أنا" حين تخبر عن نفسك بقولك فعلت ورأيت وسمعت وغضبت واشتهيت وتخليت وتذكرت،
إلا أن المشار إليه بهذه الإشارة ليس هوهذه البنية لوجهين:
الوجه الأول: أن المشار
إليه بقولك: "أنا" قد يكون معلوماً حال ما تكون هذه البنية المخصوصة غير
معلومة،والمعلوم غير ما هوغير معلوم.
الوجه الثاني: أن هذه
البنية متبدلة الأجزاء والمشار إليه بقولك: "أنا" غير متبدل، فإني أعلم
بالضرورة أني أنا الذي كنت موجوداً قبل هذا اليوم بعشرين سنة،والمتبدل غيرما هوغير
متبدل، فإذا ليست النفس عبارة عن هذه البنية،وتقول: قال قوم إن النفس ليس بجسم لأنا
قد نعقل المشار إليه بقوله: "أنا" حال ما أكون غافلا عن الجسم الذي
حقيقته المختص بالحيز الذاهب في الطول العرض والعمق. والمعلوم مغاير لما ليس
بمعلوم وجواب المعارضة بالنفس مذكور في كتابنا المسمى بلباب الإشارات.
وقال الآخرون: بل هوجوهر جسماني لطيف صاف بعيد عن مشابهة
الأجرام العنصرية نوراني سماوي مخالف بالماهية لهذه الأجسام السفلية فإذا صارت
مشابكة لهذا البدن الكثيف صار البدن حياً وإن فارقته صار البدن ميتاًوعلى التقدير
الأول يكون وصفها بالمجيئ والرجوع بمعنى التدبير وتركه وعلى التقدير الثاني يكون
ذلك الوصف حقيقاً.([18])
المطلب الثالث:
وقت النداء بالنفس المطمئنة وسبب النداء بها
قال ابن زيد وجماعة: "إن ذلك القول عند الموت"،وأيد
بما أخرجه عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويهوأبونعيم في "الحلية"
عن ابن جبير قال: قُرئت عند النبي عليه الصلاة والسلام: ((يا أيتها النفس المطمئنة))
الآية، فقال أبوبكر: إن هذا لحسن. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما
إن الملك سيقولها لك عند الموت.))([19])
وجاء نحوهذا من رواية الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"
من طريق ثابت بن عجلان عن سليم بن عامر عن الصديق.([20])
وقال أبوصالح: هذا عند خروجها من الدنيا فإذا كان يوم القيامة
قيل ((فادخلي في عبادي وادخلي جنتي)).
وقال آخرون: إنها يقال ذلك عند البعث ارجعي إلى ربك وادخلي
في أجساد عبادي يعني جسدك فيأمر الله تعالى الأرواح أن ترجع إلى الأجساد وهذا قول
عكرمة وعطاء والضحاك ورواية العوفي عن ابن عباس.([21])
وقيل إن هذا القول بعد الموت وقبل القيامة والمراد برجوعها
إلى ربها رجوعها إلى جسدها لسؤال الملكين. أخرج ابن المنذر (في الدر المنثور) عن
محمد بن كعب القرظي أنه قال في الآية: إن المؤمن إذا مات أري منزله من الجنة فيقول
تبارك وتعالى: يا أيتها النفس المطمئنة عندي، ارجعي إلى جسدك الذي خرجت منه، رضية
بما رأيت من ثوابي، مرضياً عنك، حتى يسألك منكر نكير.([22])
وقيل: إنه مواطن ثلاثة، أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن
زيد بن أسلم أنه قال في الآية: بشرت بالجنة عند الموت وعند البعث ويوم الجمع.([23])
وقيل: يجوز أن يكون ذلك في سائر أوقات النفس في حياتها
الدنيا والراد بالأمر بالرجوع إلى الرب: الأمر بالرجوع إليه تعالى في كل أمر من
الأمور والمراد بالدخول في العباد: الأمر بالدخول في زمرة العباد الخلص، الذين ليس
للشياطين عليهم سلطان، بالإكثار من العمل الصالح وبالأمر بالدخول في الجنة: الأمر
بالدخول فيها بالقوة القريبة، فكأنه سبحانه بعد أن بالغ جل وعلا في سوء حال
الأمارة ووعيدها،خاطب المطمئنة بذاك،وأرشدها سبحانه إلى ما فيه صلاحها ونجاتها.
أيا كان من الأوجه فالظاهر العموم فيها.([24])
قيل: واستظهر أن ذلك القول عند تمام الحساب، ولينظر التفاوت
ما بين ذلك الإنسان وهذه النفس، ذاك يقول: يا ليتني قدمت لحياتي،وهذه يقول الله
تعالى لها: ((يا أيتها النفس المطمئنة....))وكأنه للإيذان بغاية التباين لم يذكر
القول،وتعطف الجملة على الجملة السابقة.([25])
قال عبد الكريم الخطيب: "هذا النداء الكريم الذي يدعوبه
سبحانه وتعالى أهل وده من وسط هذا البلاء الخانق المحيط بالناس يوم القيامة هوقارب
النجاة الذي يخف مسرعاً إلى تلك السفينة الغارقة في هذا البحر اللجي فيحمل هؤلاء
الذين أكرمهم الله بفضله وإحسانه فنجاهم من شر هذا اليوم،ولقاهم نضرة وسرورا.. إن
هذا النداء الذي يجيئ على فجاءة وسط هذا البلاء، لهوأوقع أثراًوأبلغ في إدخال
المسرة على النفس، من أن يجيئ مسبوقاً بمقدمات تشير إليه وتبشر به."([26])
المبحث الثاني: مفهوم النفس المطمئنة وخصائص أصحابها على ضوء كتب التربية الإسلامية
وهذا المبحث
يشمل المطالب الآتية:
المطلب الأول: أقسام
النفسومفهوم كل قسم منها
فقد وقع كلام
كثير من الناس أن لابن آدم ثلاث أنفس: نفس مطمئنة،ونفس لوامة، نفس أمارة وأن منهم
من تغلب عليه هذه ومنهم من تغلب عليه الأخرى.
والتحقيق أنها نفس واحدة ولكن لها صفات فتسمى باعتبار كل
صفة باسم.
أولا: النفس اللوامة وأحوالها:
هي النفس التي أقسم الله بها في سورة القيامة
فقال: ((لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ- وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ
اللَّوَّامَةِ))([27])
اختلف فيها، فقيل:
هي المترددة بين المعصية والطاعة، وقيل: هي التي تلوم صاحبها، وهذا هوالأرجح، وفي
هذا يقول ابن عباس: "ما من نفس إلا وتلوم نفسها يوم القيامة؛ فإن كانت طائعة
فإنها تلوم نفسها على قلة الطاعة، وإن كانت عاصية فإنها تلوم نفسها على
المعصية".
ويقول الحسن البصري ـرحمه الله تعالىـ "ما
يزال المؤمن بخير مادام له واعظ من قلبه"([28])
وقال أيضا أن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه دائما يقول ما أردت بهذا
لم فعلت هذا كان غير هذا أولى أونحوهذا من الكلام.
وقال غيره هي نفس المؤمن
توقعه في الذنب ثم تلومه عليه فهذا اللوم من الإيمان بخلاف الشقي فإنه لا يلوم
نفسه على ذنب بل يلومها وتلومه على فواته.
وقالت طائفة بل هذا اللوم
للنوعين فإن كل أحد يلوم نفسه براً كان أوفاجراً فالسعيد يلومها على ارتكاب معصية
الله وترك طاعته والشقي لا يلومها إلا على فوات حظها وهواها.
وقالت فرقة أخرى هذا اللوم يوم القيامة فإن كل أحد يلوم نفسه إن كان
مسيئاً على إساءته وإن كان محسناً على تقصيره.
وهذه الأقوال كلها حق ولا
تنافي بينها فإن النفس موصوفة بهذا كله وبإعتباره سميت لوامة ولكن اللوامة نوعان:
لوامة ملومة وهي النفس
الجاهلة الظالمة التي يلومها الله وملائكته.
ولوامة غير ملومة وهي التي
لا تزال تلوم صاحبها على تقصيره في طاعة الله مع بذله جهده فهذه غير ملومة وأشرف
النفوس من لامت نفسها في طاعة الله واحتملت ملام اللائمين في مرضاته فلا تأخذها
فيه لومة لائم فهذه قد تخلصت من لوم الله وأما من رضيت بأعمالها ولم تلم نفسها ولم
تحتمل في الله ملام اللوام فهي التي يلومها الله عز وجل.([29])
ثانيا:
النفس الأمارة وأحوالها:
وهي النفس الخبيثة التي تشتهي فعل الشر دائماً
ولا تأمر صاحبها إلا بمعصية فتأمره بفعل كل ما هوسيئ وترك كل ما هوحسن وتأمره
بالمنكر وتنهاه عن المعروف وتأمره أيضاً بمعصية الخالق وظلم المخلوق فتجد نفسه
مملوءة بكل أمراض القلوب من حقد وحسد وغل ونفاق وبغض وتجدها تحمل كل ما هونجس وسيئ
من الأخلاق المذمومة وهي نفس المنافق والكافر والمشرك وقد ورد ذكرها في كتاب الله
في قوله تعالى ((وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور
رحيم))([30])
ويوم القيامة لا ينجومن النار ولا يدخل الجنة
إلا من أتى الله بقلب سليم. سليم من الشرك والنفاق وغيرهما من الخبائث كما قال
تعالى ((يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ
بِقَلْبٍ سَلِيمٍ))([31])
وفي الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما تقولون في صاحب لكم إن
أنتم أكرمتموه وأطعمتموه وكسوتموه أفضى بكم إلى شر غاية وإن أهنتموه وأعريتموه
وأجعتموه أفضى بكم إلى خير غاية"، قالوا: يا رسول الله! هذا شر صاحب في
الأرض. قال: "فوالذي نفسي بيده إنها لنفوسكم التي بين جنوبكم".
أشكوإلى الله نفساً ما تلائمني تبغي هلاكي ولا
آلوأناجيها
ما إن تزال تناجيني بمعصية فيها الهلاك وإني لا
أواتيها
أخيفها بوعيد الله مجتهداً وليس تنفك يلهيها
ترجيها([32])
قال ابن القيم: "النفس الأمارة جعل
الشيطان قرينها وصاحبها الذي يليها فهويعدها ويمنيها ويقذف فيها الباطل ويأمرها
بالسوء ويزينه لها ويطيل في الأمل ويريها الباطل في صورة تقلبها وتستحسنها ويمدها
بأنواع الإمداد الباطل من الأماني الكاذبة والشهوات المهلكة ويستعين عليها بهواها
وإرادتها فمنه يدخل عليها كل مكروه فما استعان على النفوس بشيء هوأبلغ من هواها
وإرادتها إليه وقد علم ذلك إخوانه من شياطين الإنس فلا يستعينون على الصور
الممنوعة منهم بشيء أبلغ من هواهم وإرادتهم فإذا أعيتهم صورة طلبوا بجهدهم ما تحبه
وتهواه ثم طلبوا بجهدهم تحصيله فاصطادوا تلك الصورة فإذا فتحت لهم النفس باب الهوى
دخلوا منه فجلسوا خلال الديار فعاثوا وأفسدوا وفتكوا وسبوا وفعلوا ما يفعله العدوببلاد
عدوه إذا نحكم فيها فهدموا معالم الإيمان والقرآن والذكر والصلاة وخربوا المساجد
وعمروا البيع والكنائس والحانات والمواخير وقصدوا إلى الملك فأسروا وسلبوه ملكه
ونقلوه من عبادة الرحمن إلى عبادة البغايا والأوثان ومن عز الطاعة إلى ذل المعصية
ومن السماع الرحماني إلى السماع الشيطاني ومن الاستعداد للقاء رب العالمين إلى
الاستعداد للقاء إخوان الشياطين فبينا هويراعى حقوق الله وما أمره به إذ صار يرعى
الخنازير وبينا هومنتصب لخدمة العزيز الرحيم إذ صار منتصبا لخدمة كل شيطان رجيموالمقصود
أن الملك قرين النفس المطمئنة والشيطان قرين الأمارة."([33])
ثالثا:
النفس المطمئنة:
وهي النفس التي تداوم على فعل الطاعات وترك
المنكرات وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وهي دائما ملهمة بالخير.
النفس المطمئنة لا تأمر صاحبها إلا بالخير
دائماً ولا تحمل شيئاً من أمراض القلوب من حقد أوحسد أوغل أونفاق بل تجد صاحبها
نقي السريرة منشرح الصدر سليم القلب طاهر البدن يحب الخير لكل الناس فإذا رأى بأحد
نعمة لا يتمنى زوالها منه بل يدعوالله أن يزيده من فضلة ويبارك له فيها.
أدبت نفسي فما وجدت لها من بعد تقوى الإله من أدب
إن كان من فضة كلامك يا نفس فإن السكوت من ذهب.([34])
أقسام فرويد للنفس:
ذهب فرويد إلى أن للنفس ثلاثة أقسام: الهو id، والأنا الأعلى super، والأناego.
الهو في رأي فرويد هو ذلك الجزء من النفس الذي يحوي الغرائز التي
تنبعث من البدن. وهو يطيع مبدأ اللذة ويهدف دائماً إلى الإشباع من غير مراعاة
للمنطق أو الأخلاق أو الواقع.
الأنا الأعلى هو ذلك الجزء من النفس الذي يتكون
من التعاليم التي يلقها الفرد من والديه ومدرسيه ومن قيم الثقافة التي ينشأ فيها،
ويصبح قوة نفسية داخلية تحاسب الفرد وتراقبه وتنقده وتهدده بالعقاب وهو ما يعرف
عادة بالضمير. أن الأنا الأعلى يمثل ما هو سام في الطبيعة الإنسانية.
والأنا هو ذلك الجزء من النفس الذي يقبض على
زمام الرغبات الغريزية المنبعثة من الهو ويسيطر عليها، فيسمح بإشباع ما يشاء منها،
ويؤجل ما يرى تأجيله، ويكبت ما يرى ضرورة كبته مراعياً "مبدأ الواقع" أو
العالم الخارجي بما يتضمنه ذلك من قوانين وقيم وأخلاق وتعاليم دينية. ويقوم الأنا
في رأي فرويد بالتوفيق بين الهو، والواقع أو العالم الخارجي والأنا الأعلى بحيث
يسمح بإشباع رغباته الغريزية في الحدود التي يسمح بها الواقع، ويحد من تطرف الأنا
الأعلى بحيث لا يجعله يسرف في النقد والتهديد بالعقاب بدون مبرر معقول. وإذا نجح
الأنا في وظيفته التوفيقية أمكن أن يتحقق للإنسان الاتزان والسواء والصحة النفسية.
ومما يجدر أن ينتبه إليه الباحث المسلم أنه
توجد أوجه اختلاف كثيرة بين مفاهيم النفس الثلاثة كما وردت في القرآن الكريم وبين
أقسام النفس الثلاثة التي ذكر لدى فرويد. ويذكر منها الباحث ما يلي:
1- مفاهيم النفس الأمارة بالسوء، والنفس اللوامة، والنفس المطمئنة
كما وردت في القرآن الكريم تعتبر حالات مختلفة تتصف بها النفس أثناء صراعها
الداخلي بين الجانب المادي والجانب الروحي في شخصية الإنسان، أما مفاهيم
"الهو" و"الأنا الأعلى" و"الأنا" فهي في نظرية
فرويد أقسام مختلفة للنفس.
2- مفاهيم النفس الإنسانية الثلاثة لا تتكون أثناء مراحل نمو معينة
يمر بها الإنسان، أما أقسام النفس الثلاثة "الهو" و"الأنا
الأعلى" و"الأنا" في نظرية فرويد فإنها تتكون في مراحل مختلفة من
نمو الطفل.
3- وبينما يقع الصراع النفسي في نظرية فرويد بين أقسام النفس الثلاثة
حيث يحاول فيه "الأنا" أن يوفق بين متطلبات "الهو"
و"الأنا الأعلى" والعالم الخارجي فإن هذا الصراع وفقاً لتصوير القرآن
الكريم لطبيعة تكوين الإنسان يقع بين الجانب المادي والجانب الروحي من شخصية
الإنسان وتنشأ تبعاً لنتيجة هذا الصراع حالات النفس الثلاث: النفس الأمارة بالسوء،
والنفس اللوامة، والنفس المطمئنة.
4 إن الهو قد يشبه النفس الأمارة بالسوء والأنا الأعلى بالنفس
اللوامة إلا أن الأنا لا يمكن أن يشبهها بالنفس المطمئنة. لأن النفس المطمئنة لا
تحصل بالتوفيق بين النفس الأمارة بالسوء وبين النفس اللوامة، وإنما لها خصائص
ومميزات تتميز بها كما سيأتي قريباً.
المطلب الثاني: النفس
الأمارة في مقابلة النفس المطمئنة
ضاهتها هذه وجاءت من الشر بما يقابله حتى تفسده
عليها فإذا جاءت بالإيمان والتوحيد جاءت هذه بما يقدح في الإيمان من الشك والنفاق
وما يقدح في التوحيد من الشرك ومحبة غير الله وخوفه ورجائه ولا ترضى حتى تقدم محبة
غيره وخوفه ورجائه على محبته سبحانه وخوفه ورجائه فيكون ماله عندها هوالمؤخر وما
للخلق هوالمقدم وهذا حال أكثر هذا الخلق وإذا جاءت تلك بتجريد المتابعة للرسول
جاءت هذه بتحكيم آراء الرجال وأقوالهم على الوحي وأتت من الشبه المضلة بما يمنعها
من كمال المتابعة وتحكيم السنة وعدم الالتفات إلى آراء الرجال. فتقوم الحرب بين
هاتين النفسين والمنصور من نصره الله وإذا جاءت تلك بالإخلاص والصدق والتوكل
والإنابة والمراقبة جاءت هذه بإضدادها وأخرجتها في عدة قوالب وتقسم بالله ما
مرادها إلا الإحسان والتوفيق والله يعلم أنها كاذبة وما مرادها إلا مجرد حظها
واتباع هواها والتفت من سجن المتابعة والتحكيم المحض للسنة إلى قضاء إرادتها
وشهوتها وحظوظها ولعمروالله ما تخلصت إلا من فضاء المتابعة والتسليم إلى سجن الهوى
والإرادة وضيقة وظلمته ووحشته فهي مسجونة في هذا العالم وفي البرزخ في أضيق منه
ويوم الميعاد الثاني في أضيق منهما.([35])
المطلب الثالث: النفس اللوامة في
مقابلة النفس المطمئنة
ردع الله تعالى الإنسان الذي يخطئ الاعتقاد أوالظن في حالتي
النعمة والإكرام والنقمة والإهانة وأوضح حقيقة تطلعات الإنسان وتصرفاته، فتراه لا
يكرم اليتيم أوالمحتاج ولا يحض على إطعام المسكين،ويبادر إلى أكل الميراث بشدة ويحب
جمع المال ثم يندم على كل ذلك يوم القيامة ويلوم نفسه على تقصيرها يصطدم بالحقيقة:
وهي ألا سلطان في الحساب والجزاء إلا لله تعالى. وهذا هوالغالب وأما التقي الصالح
المطمئن إلى صحة عمله وطاعة ربه فيعود إلى ربه هادئ النفس مطمئن البال، راضياً بما
عمل ومرضياً بما يجازي به فيدخل في جنات الخلد مع عباد الله الأبرار.([36])
المطلب الرابع: خصائص أصحاب النفوس
المطمئنة
الأول:
المداومة على ذكر الله:
النفس المطمئنة دائما تذكر الله لا يشغلها عن ذكره شاغل سواء كان
ولدا أوزوجة أومالا فهي مع الله تحيا بحبه وتطمئن بذكره وتتمنى لقاءه وفي ذلك قال
تعالى ((الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا
بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ))([37])
الثاني:
سلامة الصدر:
والنفس المطمئنة صاحبها من أشد المقربين إلى الله تعالى وتجد إيمانه
من أعلى درجات الإيمان وهم الأنبياء والصديقون وإذا تفكرت في سير الأنبياء تجد أن
الله زكي أنفسهم أولاً ثم بعثهم بالرسالة بعد ذلك فغسل الله قلوب أنبيائه بالحكمة
والإيمان وذلك حتى يستقبلوا النور الإلهي بنفس مطمئنة لا تزيغ ولا تضطرب ونرع الله
من قلوبهم الغل والحسد والحقد وكل سواد من شأنه أن يعمي القلوب ويزيغ الأبصار فهذا
سيدنا موسى عليه السلام يدعوالله قائلا ((رب اشرح لي صدري))([38])([39])
الثالث:
التوافق:
ويتضمن
الرضا عن النفس والتوافق الأسري والتوافق التعليمي،والتوافق الاجتماعي،والتوافق
المهني.
الرابع:
الشعور بالسعادة مع النفس:
وتشمل
الشعور بالراحة النفسية لما للفرد من ماض نظيف وحاضر سعيد ومستقبل مشرق والاستمتاع
بمباهج الحياة البريئة وإشباع الدوافع والحاجات الأساسية.
الخامس:
الشعور بالسعادة مع الآخرين:
وتعني
تقبل الآخرين والثقة بمن هوأهل لها واحترامهم والاعتقاد في ثقتهم المتبادلة ووجود
اتجاه متسامح نحوالآخرين.
السادس:
تحقيق الذات واستغلال القدرات:
وتشمل
العمق والاستبصار في فهم الذات والتقييم الواقعي الموضوعي للقدرات والإمكانيات والطاقات.
السابع:
القدرة على مواجهة مطالب الحياة:
وتتضمن
النظرة السليمة الموضوعية للحياة ومطالبها ومشاكلها اليومية والعيش في الحاضر والواقع.
الثامن:
التكامل النفسي:
بمعنى
الأداء الوظيفي المتكامل المتناسق للشخصية ككل من النواحي الجسمية والعقلية والانفعالية
والاجتماعية والتمتع بالصحة ومظاهر النموالجسمي والنفسي.
التاسع:
السلوك السوي:
أي
السلوك المقبول العادي المألوف بالنسبة لغالبية الأسوياء من الناس.
العاشر:
القدرة على العيش في سلام:
وتعني
التمتع بالصحة النفسية الجسمية والاجتماعية والسلم والاطمئنان الداخلي والخارجي.([40])
وإذا
رجعنا إلى القول الحق تبارك وتعالى: ((يا أيتها النفس المطمئنة – ارجعي إلى ربك
راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي))([41])
نجد أن هذه الآيات الكريمة قد أعطت للنفس المطمئنة أوصافاً أربعة:
1-
أنها راضية:
راضية بما أنعم الله به عليها من خير عميم وفضل عظيم ....حيث أحسن ختامها،وأجزل
ثوابها وشرفها وكرمها بتوجيه النداء إليها.
2-
أنها مرضية: أي
أنها فازت برضاء الله تعالى عنها حيث أخلصت في طاعته وتوحيده ورضاء الله تعالى هوالغاية
العظمى التي ليس فوقها غاية بل إن رضاء الله تعالى مقام عظيم أغلى مما أوتوا من
نعيم مقيم. وقد صرح القرآن الكريم في موضع آخر. أن هذا المقام لا يبلغه إلا من خشي
ربه ((جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله
عنهم ورضوا عنه، ذلك لمن خشي ربه))([42])
3-
أنها داخلة في
زمرة عباد الله الصالحين: وهذا تكريم آخر للنفس المطمئنة بوضعها بين أشباهها ونظائرها
وإدخالها في جملة من أخلصوا العبادة لله تعالى معها،وهوتكريم متعدد ومتجدد. ((والذين
آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين))([43])
وهناك
أوصاف ذكرت في النص النبوي:
1-
الإيمان بلقاء
الله تعالى والمقصود به الإيمان بالبعث.
2-
الرضا بالقضاء:
هومفتاح الصلة الحسنة بين العبد والرب ودليل التسليم المطلق لله واسقاط التدبير مع
الله.
3-
القناعة
بالعطاء: هي مبعث الراحة النفسية للمؤمن وأساس التعايش السلمي مع سائر البشر دون
تطلع إلى ما في أيديهم ودون عقد عليهم.([45])
المطلب الخامس: من أين يستمد اطمئنان
النفس
أن
النفس المطمئنة تستمد اطمئنانها من نواح عديدة:
1-
تستمد
اطمئنانها من رضاء الله تعالى عنها ورضاء الله تعالى غاية الغايات.
2-
تستمد
اطمئنانها من وعد الله تعالى لها بالثواب وهوالنعيم السرمدي: ((فادخلي في عبادي –
وادخلي جنتي))([46])
3-
تستمد
اطمئنانها من توحيد الله تعالى وحده لا شريك له، وإفراده وحده بالعبادة. فإن الله
سبحانه قد وعد وهوأصدق من وعد، فقال: ((الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك
لهم الأمن وهم مهتدون."([47])
4-
تستمد
اطمئنانها من ذكر الله تبارك وتعالى: ((الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا
بذكر الله تطمئن القلوب))([48])([49])
الخاتمة
الحمد
لله بنعمته تتم الصالحات والصلاة على رسول الهدى وسيد النجباء محمد
وآلهوصحبه وأتباعه السعداء وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
يذكر الباحث في خاتمة هذا البحث النتائج التي توصل إليها والفهارس.
النتائج
1)
اتضحت من
الدراسة: أن النفس الإنسانية في التربية الإسلامية واحدة باعتبار ذاتها وثلاثة
باعتبار أحوالها. وهي: اللوامة والأمارة بالسوء والمطمئنة وأن أعلى درجاتها وأكملها
هي: النفس المطمئنة.
2)
أكدت الدراسة
على عظم الآثار المرتبة على الاطمئنان النفسي والتي تعود على الفرد ذاته وتتعداه
إلى أسرته وأولاده وعمله ومجتمعه وسائر ضروب حياته.
3)
أكدت الدراسة
على أن الاطمئنان النفسي يمثل إحدى أهم حاجات الإنسان الدنيوية والأخروية.
4)
إذا أراد
الإنسان أن يفوز في الآخرة يتحلى بخصائص النفس المطمئنة.
التوصيات
4) ضرورة الاهتمام بالتربية الإسلامية وتعاليمها
واعتمادها كمصدر للاطمئنان النفسي.
5) ضرورة الاهتمام بالجوانب الروحية وتبصير المجتمع
بأهميتها والتحذير من التهاون بها.
6) ضرورة الاهتمام بتدريس المواد النفسية لزوال الأمراض
النفسية.
فهرس المصادر والمراجع
1-
الأصفهاني،
أبوالقاسم الحسين بن محمد: المفردات في غريب القرآن، تحقيق: محمد سيد كيلاني،
لبنان: دار المعرفة، الطبعة الأولى، (1994م).
2-
الألوسي
البغدادي، أبي الفضل شهاب الدين السيد محمود (المتوفى، سنة: 127ه): روح المعاني في
تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، بيروت- لبنان: إحياء التراث العربي، الطبعة
الأولى، (2000م).
3-
البغوي،
أبومحمد الحسين بن مسعود (المتوفى، سنة: 516ه): معالم التنزيل، الرياض: دار طيبة،
الطبعة الأولى، (1412ه).
4-
جوهري،
طنطاوي المصري: الجواهر في تفسير القرآن الكريم، بيروت- لبنان: دار الكتب العلمية،
الطبعة الأولى، (2004م).
5-
أبو
حيان، محمد بن يوسف الأندلسي (المتوفى، سنة: 745ه): تفسير البحر المحيط، بيروت-
لبنان: دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، (1993م).
6-
الخطيب،
عبد الكريم: التفسير القرآني للقرآن، دار الفكر العربي، الطبعة الأولى، (1970م).
7-
الدرة،
محمد علي طه: تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه، دمشق- بيروت: دار ابن كثير،
الطبعة الأولى، (2009م).
8-
الرازي،
فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن ابن علي (المتوفى، سنة: 604ه): مفاتيح
الغيب، بيروت- لبنان: دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية، (2004م).
9-
الزحيلي،
الدكتور وهبة: التفسير الوسيط، بيروت- لبنان ودمشق- سورية: دار الفكر المعاصر،
الطبعة الأولى، (2001م).
10-
الزهراني،
مشرف بن أحمد: أثر الدلالات اللغوية في التفسير عند طاهر بن عاشور، مؤسسة الريان،
الطبعة الأولى، (2009م).
11-
الطاهر
بن عاشور: تفسير التحرير والتنوير، الدار التونسية، الطبعة الأولى، (1984م).
12-
الطبري،
أبوجعفر محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق: عبد الله بن عبد
المحسن التركي، هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، الطبعة الآولى، (2001م).
13-
الطيار،
مساعد بن سليمان بن ناصر: التفسير اللغوي للقرآن الكريم، دار ابن الجوزي، الطبعة
الأولى، (1422ه).
14-
ابن
قيم الجوزية، شمس الدين أبي عبد الله (المتوفى، سنة: 751ه): مدارج السالكين،
تحقيق: محمد حامد الفقي، بيروت: دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى، (1999م).
15-
ابن
قيم الجوزية، شمس الدين أبي عبد الله (المتوفى، سنة: 751ه): الروح، صيدا- بيروت:
المكتبة العصرية، الطبعة الأولى، (2000م).
16-
ابن
كثير، عماد الدين أبوالفداء الدمشقي (المتوفى، 774ه)، تفسير القرآن العظيم، مؤسسة
قرطبة ومكتبة أولاد الشيخ للتراث، الطبعة الأولى، (2000م).
17-
مرسي،
سيد عبد الحميد: النفس المطمئنة، دار التوفيق النموذجية، الطبعة الأولى، (1983م).
18-
المظهري،
محمد ثناء الله (المتوفى، سنة: 1225ه): التفسير المظهري، بيروت- لبنان: دار الكتب
العلمية، الطبعة الأولى، (2007م).
19-
المعجم
الوجيز: مجمع اللغة العربية، وزارة التربية والتعليم-مصر، رقم الطبعة: غير متوفر،
(1994م).
20-
نبيل
عطوه: طهارة النفس وأمراض القلوب، دبلوم الدراسات الإسلامية من المعهد العالي
للدراسات الإسلامية، المأخوذة من المكتبة الشاملة.
فهرس
الموضوعات
|
ملخص البحث
|
1
|
|
المقدمة
|
2
|
|
المبحث
الأول: مفهوم النفس المطمئنة على ضوء كتب التفاسير
المطلب الأول:
أقوال المفسرين حول النفس المطمئنة
المطلب الثاني:
بعض المسائل المهمة حول النفس المطمئنة
المطلب الثالث:
وقت النداء بالنفس المطمئنة
|
4
4
5
7
|
|
المبحث
الثاني: مفهوم النفس المطمئنة على ضوء كتب التربية الإسلامية
المطلب الأول:
أقسام النفس ومفهوم كل قسم منها
المطلب الثاني:
النفس الأمارة في مقابلة النفس المطمئنة
المطلب الثالث:
النفس اللوامة في مقابلة النفس المطمئنة
المطلب الرابع:
خصائص أصحاب النفوس المطمئنة
المطلب الخامس: من
أين يستمد اطمئنان النفس
|
8
8
12
12
12
14
|
|
الخاتمة
النتائج
فهرس المصادر والمراجع
فهرس الموضوعات
السيرة الذاتية
|
16
16
17
19
20
|
السيرة
الذاتية للباحث
عبد
الله الكافي بن لطف الرحمن بن مظفر حسين
1-
ولد
بمدينة جبائي نوابغنج في دولة بنجلاديش عام 1986م.
2-
كانت
دراسته في المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية في المركز الإسلامي السلفي بنودبارا،راجشاهي.
3-
التحق
بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 2005م.
4-
حصل
على المركز الأول في معهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في العام الجامعي
1427-1428ه.
5-
حصل
على البكالوريوس في كلية الشريعة بمعدل 4،94 وتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى
وذلك في العام الجامعي 1431-1432ه.
6-
حصل
على الماجستير في قسم التربية بمعدل 4،94 وتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى وذلك
في العام الجامعي 1434-1435ه.
7-
يدرس
حالياً في الدكتوراه في قسم التربية بكلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية.
8-
له
مشاركة في المؤتمر العلمي الرابع، وله العديد من المشاركة في التدريس والمحاضرات
والندوات والخطب في بنجلاديش خلال الإجازة الصيفية.
9-
له
بعض المشاركات في المسابقات العلمية بالجامعة الإسلامية كالمتون العلمية والأنشطة
الأخرى.
10-
الرقم
الجامعي: 265306867
11-
رقم
الإقامة: 2219680093
12-
رقم
الجوال: 0557506108
14-
عنوان
البحث: النفس المطمئنة في التربية الإسلامية. (محور العلوم الإنسانية)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق